[شرط المصنف في كتابه]
مع أني لا أذكر إن شاء الله تعالى في هذه المشيخة طريقاً إلا بعد علمي أنه أعلى الطرق في زماني هذا، لا يدعي أحدٌ في زمننا أعلى منه إلا استدل بدعواه على كذبه أو جهله بالطرق، فإنه علمٌ لا يكاد يعرفه إلا ماهرٌ في كل حين، وهو علمٌ برأسه كالفرائض من الفقه، لا يجوز أن يقبل فيه كل أحدٍ من أهل الحديث، وليس في عصرنا من يفهمه إلا واحدٌ بالعراق كله ولم يمعن فيه، وبعض المشهورين بالشام.
وإن روى أحدٌ كتاباً أعلى مني عدداً -سماعاً أو إجازةً- علمت إمكان ذلك في زماني هذا، ولم أتمكن من مساواته بالإجازة العامة المعمول بها عند الأكثر قياساً على الوقف، بينت أنه قد يرويه بعض الموجودين في هذه الأيام أعلى مني عدداً، وهذا إنما يكون في الكتب المصنفة في هذه الأعصار المتأخرة، كـ (مشارق الأنوار) ، و (جامع الأصول) ، و (مفاتيح الغيب) ونحوها، وأما في كتب الأئمة المتقدمين على هؤلاء، وفي كتب الحديث المسندة، فليس لأحدٍ أن يدعي أعلى من ذلك، سوى واحدٍ بدمشق قد عبر المائة، سمع البخاري، وفي صحة السماع عليه أنظارٌ وبحوثٌ وفوق كل ذي علمٍ عليمٍ.